ودِّع أُميمةَ ما باقٍ لها قدَمُ ولا لكَ اليومَ في حمصٍ و إن رحِمُ
كلُّ الألىٰ نزلُوا في قلبِكَ ارتحلُوا مِن بعدِ ما وصلُوا أسبابَهم جذمُوا
حلَّت بِهم بُكرةً في غفلةٍ جَلَلٌ لم يغنِها بِهمُ حِلٌّ و لا حُرُمُ
شعواءُ قد نزلَت أرضًا منعّمةً مِن أهلِها يولَدُ الإحسانُ والكرَمُ
هدَّت منازلَهم شبَّت مآتمَهم و ليسَ فيها لهم أمرٌ ولا علَمُ
حتّى إذا عظُمَت و اشتدَّ لاهِبُها و نالَ أطرافُها قد شّرِّدَت أممُ
و فارقُوا أرضَهم إذ عزَّ فرقَتُها فإنَّ آلامَها ما مثلُها ألمُ
و غُرّبُوا في نواحي الأرضِ في فِرَقٍ و فُرّقُوا جمعَهم مِن بعدِ ما الْتَأمُوا
رجَوا أمانًا يلي فزْعًا ألمَّ بِهم و فرحةٌ بعدَ حزنٍ بعضُ ما حلمُوا
حلَّ الأمانُ وجاءَ الحزنُ يصحبُهُ و حلَّ نصفُهمُ لا حيثُ نصفُهمُ
فما كموطنهِ يهوىٰ امرُؤٌ بلدًا ولا بفعلٍ كهُجرانٍ لهُ ندَمُ
أمسَت أُميمةُ مبلولاً محاجرُها تبكي و نارُ حنينٍ فيكَ تضطرمُ
ذاقَت بِغربتِها ما هدَّ كاهلَها و أظهرَت بسمةً إذ أُضمِرَ الكلِمُ
قالَت مقالاً قويمًا ليسَ ينكرُهُ مِن بشَرٍ عرَبٌ منهم ولا عجَمُ:
إنَّ الغريبَ لَينسىٰ كيفَ يبتسمُ إذا مشىٰ يتهادىٰ ما بهِ الغمَمُ
ذو عَبْرةٍ و اشتياقٍ غيرِ منصرمٍ ذو سقَمٍ و براءٌ منهُ ما السّقَمُ
رِفقًا بمغتربٍ ما حيلةٌ فلهُ رِفقًا بهِ فبهِ مِن حزنهِ عِظَمُ
فَلْتبلغَنَّ سلامِي كلَّ مغتربٍ ناءٍ بعيدٍ صبورٍ شدَّهُ الحلُمُ
يرضىٰ بما قدّرَ الرّحمنُ خالقُهُ فاللّٰهُ أقدارُهُ في جريِها حِكَمُ