على قيدِ الموت
مـن خـلـفِ قضبان الحديدِ أُعـاني
وأذوقُ طَــعــمَ الــمــوتِ والخُذلانِ
أوّاهُ كَـم نــادَيْــتُ في سجني وكم
عانيتُ مــن ألـــمٍ ومــن حــرمــانِ
فيعودُ صوتي والــصــدى متكسّراً
يـشـكـو إليَّ صـــلابـــةَ الــجــدرانِ
لا شــيءَ أسـمـعُ غـيـرَ أنّــاتِ النسا
وتــوسُّــلِ الـفـتَـيـاتِ والـفــتْــيـانِ
عــذراً أُخَــيَّــةُ مالنا مـــن نــاصــرٍ
فــأنــا وأنــتِ ضــحــيَّــةُ النسيـانِ
كــم ألــفِ آهٍ تـسـتـحـثُّ رجــولَتي
وأنـــا الـمـكـبَّـلُ قـــابـــعٌ بـمـكـانـي
فـــأودُّ لَـــو أفــدي فــداءَ مناضـلٍ
وأمــوتُ كَـي يـحـيـا بـهـا إخـواني
مــا أقـــذرَ الـجـلّادَ حـيـنَ يسومُنا
ســوءَ الــعــذابِ بـأبـشَــعِ الألــوانِ
في وجـهِـهِ المشؤومِ ألــفُ حكايَةٍ
أبـطـالُـهـا صــاروا لـــدى الـديّـانِ
مــن حـولِــهِ انتصبَ العبيدُ كأنَّهُمْ
آلاتُ قـــتـــلٍ دونَـــمـــا تــحــنــانِ
صَلبـوا الرجولةَ والشهامةَ والندى
بـاعـوا الضميرَ بـأبــخَــسِ الأثمانِ
النارُ أبــردُ مــن شظايا حـقـدِهِـمْ
والكبلُ أنـعـمُ مــن يــدِ الـسـجّـانِ
والموتُ أرحــمُ مــن بقائكَ ساعةً
تـحـتَ الـسـيـاطِ مـكـبَّـلاً وتـعـاني
يــا قَـيـدُ مـالَـكَ لا تلينُ وقد قَسَوا
فقـلـوبُـهـمْ جُـبِـلَـتْ مـنَ الصوّان
هُــــمْ ثُــلَّــةٌ للقتلِ دونَ ضـمـائــرٍ
لــم يُــدركــوا مــا قيمةَ الإنـسـانِ
مــا قـيـمـةُ الإنسانِ في أوطـانِـنـا
وهُــوَ الــذي يُسبى مـعَ الأوطــانِ
إنّي هُــنــا والروحُ طـــارَتْ تقتفي
أثـــــرَ الــديــارِ ومــوئِــلَ الـخـلّانِ
لـكـنَّـهـا أفَــلَــتْ بــغــيــرِ هــدايــةٍ
فـالأهـلُ بـــاتــوا فـي مـكـانٍ ثاني
يــــا روحُ عـــودي للـطلول وسلّمي
فـأبي وأمّـي الـــيـــومَ ينتظراني
قــولي لَــهُــمْ يـــا روحُ عندَ لقائِهِمْ
في السجنِ يظهرُ مـعـدنُ الإنسانِ