دور المرأة في المجتمع السوري في ظل الحرب
عندما نذكر المرأة في المجتمع علينا أن نتحدث عن الثقة بالنفس، والطموح، والأفكار، بالإضافة إلى المواظبة، والمبادرة، والرغبة الكامنة في العمل والإنجاز والإبداع. فالمرأة هي الأم والقائدة القادرة على تربية شباب وشابات المجتمع تربية طيبة، وهي الأكثر تأثيرًا وإسهامًا في نجاحاتهم. لذلك يعد دور المرأة من أكثر الأدوار الإنسانية تأثيرًا في المجتمع. كما أثبتت المرأة السورية في وقتنا الحاضر أنها تستطيع التكيف مع تطور الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المحيطة بها، وتؤكد للعالم بأنها تستطيع التقدم في كل المجالات التي تتطلب منها الجهد والمعرفة والنقاش والعمل على ذلك. فقد أثبتت المرأة السورية استغلالها لقدراتها في جميع مجالات الحياة الأخرى، وسناتي على ذكر دور المرأة في مجتمعنا ومساهماتها في الحياة والمجتمع رغم كل الصعاب.
دور المرأة في الأسرة السورية
تكمن أهمية المرأة في الأسرة في دورها الأول وهو الأمومة، وهو أعظم وأسمى شيء في حياتها وهو أساس في قيام الحضارات والأمم. فمن دونها لا يمكن أن يكون هناك عظماء وعلماء وأطباء ومعلمون ومثقفون. وشمل دور الأمومة الكثير من الأدوار المهمة لضمان الاستقرار العاطفي والنفسي لأفراد العائلة، وبناء شخصيات متزنة تتمتع بالقيم والأخلاق مما ينعكس على المجتمع ككل. سواء كان ذلك عبر اهتمام المرأة بأفراد العائلة ومشاكلهم أو الدعم العاطفي والنفسي لهم وتثبيتهم واحتوائهم، خاصة في أوقاتنا الراهنة ووقت الشدائد، إلى جانب تربية الأطفال وتنشئتهم على المبادئ والقيم والحياة الاجتماعية والعادات السليمة، وتعزيز طاقاتهم وزيادة وعيهم في الأمور الدينية والفكرية والسياسية والثقافية التي من شأنها تثبيت القيم والسلوكيات الصحيحة.
دور المرأة السورية في سوق العمل
منذ بداية العقد العالمي للمرأة وحتى مؤتمر بكين عام 1995، ازداد الاهتمام بقضية تمكين المرأة، وإتاحة الفرصة لها لممارسة دورها بفعالية مثل الرجل، والمساهمة في صنع القرارات في مختلف مجالات الحياة الثقافية والاجتماعية، والسياسية والاقتصادية. وقد أولت العديد من المنظمات والهيئات والدول الاهتمام بهذا المجال، وذلك من خلال إقامة مجموعة من المؤتمرات والندوات التي أشارت إلى أهمية تمكين المرأة، وإعطائها الحق الكامل بالعمل في كافة المجالات.
ودور المرأة في سوق العمل خلال السنوات القليلة الماضية نتج عن عدة عوامل سمحت لها بإثبات نفسها في مختلف مجالات العمل: كمعلمة، أو طبيبة، أو مهندسة، أو موظفة، أو غيرها من المهن. ففي السنوات الماضية للحرب السورية، زادت مشاركة المرأة في جميع مجالات العمل، في مكافحة الفقر ورفع المستوى المعيشي لأسرها من خلال ما يوفره عملها من دخل يدعم ميزانية الأسرة، كما يعزز عمل المرأة الرسمى وغير الرسمى مشاركتها في دعم الاقتصاد، بالإضافة إلى أهمية الأعمال التجارية الصغيرة للنساء التي قد تشكل أساسًا اقتصاديًا للأجيال القادمة.
دور المرأة السورية في الزراعة
لقد ساهمت المرأة بشكل أساسي في الأنشطة الزراعية والاقتصادية الريفية، وقد قامت بدور مهم في العمل كمزارعة ومربية أغنام وأبقار ودواجن، والاهتمام بجني المحاصيل الزراعية، وغرس الأشجار، والعمل في تسويق منتجاتها.
كما تم تشجيع وتدريب المرأة على تأسيس المشاريع الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة المدرة للدخل وكيفية إدارتها والاستفادة منها، وكذلك دعم المرأة في تسويق منتجاتها الزراعية والحيوانية والصناعية بشكل مربح.
دور المرأة السورية في ظل تحديات الحرب
عاشت المرأة في سوريا وضعًا مأساويًا في الأعوام الماضية وما زالت تعيشه بتحديات أكبر. فقد قُتل الكثير من الرجال أو أصيبوا أو اختطفوا أو احتجزوا أو أصيبوا بإعاقات، فأصبحت المرأة المسؤولة الوحيدة عن إعالة الأسرة، بالإضافة إلى دورها الذي كانت تمارسه سابقًا كربة منزل أو موظفة في قطاع ما. فقد كانت تقوم بتربية أطفالها أثناء العمل خارج المنزل، وكانت تعمل في مهن مختلفة كالتدريس والتمريض والأعمال الأخرى، إضافة إلى أعمال الزراعة والخياطة والحياكة بهدف المساهمة في إعالة الأسرة ومعاونة الزوج. وفي لحظة خاطفة أصبحت تحمل كل الأعباء مضافًا إليها أعباء الحرب ومخاطرها، إضافة إلى تحديات النزوح واللجوء والشتات وفقدان الأهل والأصحاب، وما فرضه مجتمع اللجوء من تحديات لم تكن في الموطن الأساسي من اللغة والواقع الاجتماعي.
في تقرير سابق للأمم المتحدة صدر عام 2012، وصل عدد النساء اللواتي فقدن أزواجهن في سوريا إلى أكثر من مليون بين قتيل ومفقود. وقد أكد التقرير أن نسبة النساء المعيلات لأسرهن تخطت 99% واليوم وصلت إلى 85% حيث دخلت النساء في العديد من مجالات سوق العمل. أما وضع المرأة الآن فقد ازداد تعقيدًا في ظل غياب منظومة الدولة والحكومة الرشيدة، وطول أمد الصراع، وما زال قسم كبير منهن يقمن في خيام من قماش أو بلاستيك لا تحمي من البرد أو الحر. كما أنه لا يوجد في سوريا أي دور حقيقي لمنظمات المجتمع المدني بالمعنى العلمي، إضافة إلى أن النساء السوريات شاركن في الاحتجاجات جنبًا إلى جنب مع الرجال، مما وضعهن أمام مصير واحد معهم من ملاحقة واغتيال وابتزاز.
إن صبر المرأة السورية على كل ذلك هو الذي يساعد في ألا تنهزم الاحتجاجات الشعبية ضد النظام المتوحش. ولهذا أعتقد أن تمكين المرأة من أدوات السياسة وإتقانها وأن تقوم بدور مشارك للرجل هو الدور الطبيعي الذي صنعته المرأة السورية في أحداث، وليس تفضلاً لأحد على أحد. فقد ساهمت بالحراك الجماهيري، وتحملت كل حملات التهجير والنزوح، ولم تستسلم، وإنما كان لها شعور بأنها يجب أن تصمد وأن تصبر وألا تنكسر. ولم تقله المرأة السورية بل فعلته، ولهذا كان لزامًا أن يُحضر صوتها ورؤيتها في كل العمليات السياسية والقرارات المصيرية، وما زال نرى صمود المرأة في كل الظروف، حيث فرضت الظروف الراهنة على النساء السوريات تجربة في مختلف أنواع المهن، وأعباء لم تكن تتوقعها. عملت المرأة فيها بالبناء والكهرباء والدهان والعمل على الجرارات الزراعية وبالزراعة وتربية المواشي.
وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها سوريا بشكل خاص والعالم بشكل عام، ومحدودية فرص العمل أو قلة وفر الخيارات، خصوصًا لذوي الشهادات، بقيت المرأة تكافح وتناضل رغم الحياة التي حطت على كاهلها، وهذا يحتم علينا واجبات كثيرة تجاه الصمود الكبير والتضحيات الكبيرة.
المصدر: إشراق ملتقى العرب منبر أحرار العروبة
دور المرأة السورية في العمل التطوعي
يعد دور المرأة في العمل التطوعي فعالًا ومؤثرًا، حيث يمكنها تلبية حاجات غيرها من النساء، وذلك بفضل المهارات التي تتميز بها مثل قدرتها على التعامل مع قلة الموارد، وتنظيم الوقت، وأداء المهام المتعددة، ورعاية أسرتها دون مقابل. حيث يمكن أن تستثمر هذه المهارات من خلال إشراك المرأة في مؤسسات الأعمال التطوعية، ويعود ذلك بالنفع عليها، حيث تساهم مشاركتها في العمل التطوعي في تطوير قدراتها، واكتساب مهارات جديدة، وزيادة فرصها في المشاركة الاجتماعية، وإتاحة فرصة المشاركة في المناصب القيادية. كما يساهم ذلك في جعلها قدوة يُحتذى بها، ومصدرًا لإلهام الآخرين، خاصة في وقتنا الحاضر، مما يزيدها قوة وصلابة. وتعتبر النساء المتطوعات والناشطات في المجال الإنساني من العناصر الأساسية للتأثير الإيجابي في المجتمع خلال حالات الطوارئ والكوارث.