تذكّرتُ دهرًا قد توَلّى وأَدبرا وماذا يفيد ُالقلب َأن يتذكَّرا ؟!
وهلْ ينفعُ المحزون َدمعٌ يصُبُّهُ على وجنتَيْهِ كالأتِيِّ إذا جرى؟!
ديارٌ سفتْها الرِّيحُ من بَعدِ أهلِها وقد كان فيها الرَّبْعُ ريّانَ مُزهرا
لَعمري لقد أمسيت ُبعدَ فراقِها أخا جزَعٍ صَبَّ الفؤادِ مكدَّرا
وأُلْقِيتُ في أقصى البلاد ِبخيمةٍ كَنود ٍعَبُوسٍ لا تسرُّكَ مَنظرا
عليها رواقٌ أخلقَ الصَّيفُ جِلدَهُ فضوحٍ لمن فيها أراد تستُرا
فنُضحي بها ضاحينَ نارًا تسعَّرَتْ فلا ماؤُها عذبٌ ولا ظلُّها يُرى
وليستْ تَقِينا ريح َقرٍّ تناوَحَتْ فتحسبُها من شدّة القرِّ صرصرا
خيام ٌوجوهُ الناس ِفيها كئيبةٌ وأيّامُهمْ كاللَّيلِ لم يك ُمُقمِرا
تمرُّ اللّيالي ساهرًا دونَ معشَقٍٍ كأنَّ على عَيْنَيَّ قد حُرِّمَ الكَرى
وما ذاك إلّا من همومٍ ترادفتْ ولا أُنْسَ فيها غيرَ أن أتصبَّرا
وفرقة ِإخوانٍ تداعَوْا وليس لي شفاءٌ سوى الوصلِ الّذي قد تعذّرا
أعلِّلُ نفسي بالتَّذكُّرِ في النَّوى تَعِلَّةَ نفسٍ سعيُها قد تبعثرا
فكيف َاحتمالُ القلبِ حزنًا لَوَ انَّهُ يحَمَّلُهُ الصَّخرُ الأصمُّ تكسَّرا؟!
فيا رُبَّ ليلٍ قد تطاولَ ركنُهُ فأعقبَهُ الصُّبح ُالمنير ُوأسفرا
كذلك شأنُ الكربِ يشتدُّ قيدُهُ وما اشتدَّ إلّا كي يلينَ ويُكسَرا