انقسام عربي حول التطبيع مع النظام السوري

مبادرة سفراء الديمقراطية

يقول تشرتشل : في السياسة لا يوجد عدو دائم أو صديق دائم . تتجسد هذه العبارة أمامنا في الوقت الراهن حيث نرى هرولة الدول العربية لإعادة إحياء نظام مجرم متهالك قتل من شعبه ما يقارب المليون

يقول تشرتشل : في السياسة لا يوجد عدو دائم أو صديق دائم . تتجسد هذه العبارة أمامنا في الوقت الراهن حيث نرى هرولة الدول العربية لإعادة إحياء نظام مجرم متهالك قتل من شعبه ما يقارب المليون، ويعتقل في سجونه مئات الآلاف من الرجال والنساء ،وشرد الملايين داخل وخارج سوريا من أجل البقاء في الحكم، وذلك بعد انقطاع للعلاقات لأكثر من عشر سنوات بين النظام وأغلب الدول العربية التي كانت داعم أساسي للثورة في بدايتها إلا أن هذا الدعم تناقص تدريجياً بسبب تعقد الملف السوري، وتدخل دول إقليمية ودولية في الأرض السورية. 

محاولات بعض الدول العربية التطبيع مع النظام 

 الأردن ،الإمارات ،السعودية  

بعد تحركات الأردن للتطبيع مع النظام من خلال إعادة فتح معبر نصيب الحدودي ، جعل النظام من الحدود الأردنية الممر الرئيسي لعبور شحنات المخدرات إلى باقي الدول، ووجدت المملكة الهاشمية نفسها أمام طريق مسدود فقد زادت عمليات تهريب المخدرات عبر أراضيها أكثر من السابق،و تصاعدت حدة التوترات على الحدود بين عصابات المخدرات وحرس الحدود بالإضافة إلى التخوف من الإنتشار والتمدد الإيراني في الجنوب السوري والذي يشكل خطراً على الأراضي الأردنية مما أدى إلى فشل التقارب أو توقفه بشكل مؤقت .

 وأما الإمارات التي تسعى لأن يكون لها دوراً إقليمياً بارزاً ،والتي دعمت الثورات المضادة في ليبيا ومصر وتونس فقامت بخطوات متقدمة للتطبيع مع النظام من خلال الزيارات الرسمية وحتى دعوة بشار الأسد إلى الإمارات وتقديم الدعم المالي لإنعاش الإقتصاد السوري المتهالك، والذي وصلت فيه الليرة إلى أدنى مستوياتها ، وسعت الإمارات لتلعب دور الوسيط في المفاوضات التركية مع النظام السوري .

قامت المملكة العربية السعودية بخطوة متقدمة ومفاجأة وسريعة من خلال إعادة فتح السفارات مع النظام ، و جاءت هذه الخطوة بعد الاتفاق السعودي الإيراني الذي حدث بوساطة بكين، ويبدو أن هذه التقارب بين المملكة والنظام من نتائج هذا الاتفاق . وقد عبر الشعب السوري الحر عن أسفه وحزنه من هذه الخطوة التي جاءت عكس طموحاته فلقد كانت المملكة من أبرز الداعمين للثورة وبالتأكيد مثل هذا التقارب يعد انتصار للنظام المجرم .

اجتماع جدة للتشاور حول إعادة سوريا للجامعة العربية 

 لقد دعت المملكة العربية السعودية لإنعقاد اجتماع في جدة للتشاور في عودة النظام السوري للجامعة العربية، وكشفت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية كواليس اجتماع جدة، حول سورية، الذي حضره وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي والأردن والعراق ومصر، وموقف تلك الدول من التقارب مع نظام الأسد وأكدت الصحيفة أن الاجتماع شهد انقساماً بين الدول المشاركة بخصوص الموقف الجديد الذي أبدته المملكة العربية السعودية، والمتمثل بإعادة التواصل مع النظام السوري وتطبيع العلاقات معه. وبحسب الصحيفة فإن الاجتماع الوزاري انتهى بدون اتفاق، وأبرز مجدداً الانقسام العربي حول سورية، بين دول تتحرك للتطبيع مع الأسد، وأخرى تعارض ذلك بشدة كونه “لم يفعل شيئاً لتأهيل نفسه”. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين مطلعين على اجتماع جدة قولهم إن فكرة التطبيع مع النظام السوري وتحديداً تقارب السعودية معه، قُوبلت برفض شديد من قِبل قطر والكويت والأردن. وتساءلت تلك الدول عن المقابل الذي يمكن أن يقدمه النظام السوري لقاء ذلك التقارب. في المقابل، تخلت مصر عن معارضتها للتطبيع مع النظام السوري وإعادته إلى الجامعة العربية، إلا أنها طالبت بإظهار تقدُّم في الحل السياسي. 

معوقات عودة النظام للجامعة العربية 

 شكل ملف الكبتاغون الشريان الاقتصادي للنظام السوري أحد أكثر نقاط الاختلاف في الاجتماع، حيث حوّل الأسد سورية إلى دولة مخدرات بتجارة تصل إلى 4 أو 5 مليارات دولار سنوياً. 

يُضاف إلى ذلك، تغلغل إيران في سورية بشكل كبير، وسيطرتها على النظام، وبحسب مسؤول عربي فإن القبول بالأسد في الوقت الذي تنتشر به الميليشيات الإيرانية في البلاد وتمارس نفوذاً على الأسد، من شأنه أن يقدم مكافأة لطهران.

وأضاف المسؤول: “في حال قبلنا بذلك، فإننا نكون خلعنا ملابسنا للإيرانيين”، وفقاً لما نقلت الصحيفة عنه.

الجدير بالذكر أن الصحيفة أشارت إلى أن التقارب العربي مع النظام السوري قد يؤدي إلى إثارة غضب الولايات المتحدة، على الرغم من أن واشنطن لم تتخذ في السابق أي إجراءات ضد الإمارات التي سبق أن استضافت بشار الأسد هذا العام والعام الماضي.

 وإن أهم سبب لفشل محاولات تعويم هذا النظام ليس في في الرفض الأميركي والأوروبي لها، ولا حتى في التقاسم الروسي الإيراني لهذه السلطة بل المشكلة تكمن في طبيعة السلطة ذاتها، فهي غير قابلة للإصلاح وتعديل سلوكها، وهذا ما تعيه جميع الدول.

موقف قطر المشرف 

لقد حافظت دولة قطر الصغيرة في حجمها الكبيرة في مواقفها على موقفها الثابت من النظام السوري وهذا ما جاء على لسان وزير الخارجية القطري الذي قال إن مقاطعة بلاده للنظام السوري “قائمة ولا تلزم بها أحد”، مشيرا إلى أن الحديث عن التطبيع العربي معه “تكهنات”

وقال إنه “كان هناك أسباب لتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، ومقاطعة النظام السوري في ذلك الوقت وهذه الأسباب لا زالت موجودة على الأقل بالنسبة لنا، صحيح أن الحرب توقفت لكن لا زال الشعب السوري مهجرا وهناك ناس أبرياء في السجون”.

وأضاف: “نحن لا نريد فرض حلول على الشعب السوري وقطر قرارها كدولة منفرد أنها لا تتخذ أي خطوة في حال عدم وجود حل سياسي للأزمة السورية، أما الدول الأخرى فكل دولة لها تقييمها وهذا قرار سيادي يخصها.

مطالب الشعب السوري من الدول العربية 

إن مطلب الشعب السوري من الدول العربية هو التوحد والتكاتف العربي لحل القضية السورية وإسقاط النظام الذي هو أصل المعاناة لهذا الشعب وهو داء وسرطان يتمدد إلى جميع دول المنطقة ولذلك وجب استئصال هذا الورم الخبيث من قلب الأمة وهذا لن يكون إلا بدعم الشعب الثائر لتحقيق أهدافه في الحرية والكرامة والديمقراطية.

 

شارك المقال:

Facebook
Twitter
Pinterest
LinkedIn

ساهم في كتابة المقالات

ساهم مع عشرات الأصدقاء الذين يقومون بنشر مقالاتهم في برنامج واثقون بشكل دوري. اجعل صوتك مسموعًا وابدأ مشاركتك اليوم

قد يعجبك أيضًا

المقالات المشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *