مقال رأي حول الزواج المبكر
١_ المقدمة
يُعرّف الزواج المُبكّر أو ما يُسمّى بزواج الأطفال على أنّهُ الزواج الذي يكون فيه
عمر أحد الطرفين أو كليهما دون سن 18 عاماً، أو لم يبلغا سن الرشد المحدد في
الدولة، ويُعدّ الزواج المُبكّر أحد أنواع الزواج القسري، حيث إنّ أحد الطرفين أو
كليهما لا يملك الحريّة الكاملة في الموافقة، أو لا يُظِهر موافقةً صريحةً على
الزواج، حيث إنّه لا يمتلك القدرة على تحديد الشريك المناسب له، لا سيّما أنّ
أسباب عدم القدرة على الموافقة قد تختلف من شخص لآخر، وذلك لعدّة عوامل
منها؛ معدل النمو الجسدي، أو النفسي، أو الجنسي، أو العاطفي، أو قد يفتقد أحد
الطرفين إلى خبرات الحياة التي تُمكّنه من اتخاذ القرار المناسب، وفي كثير من
الأحيان، تُعدّ الفتيات الصغيرات هنَّ الأكثر تأثّراً بظاهرة الزواج المُبكّر، حيث إنّ
بعض الأسر تفرض على الطفلة شريك حياتها المستقبلي منذ ولادتها، فما إن
تصل إلى سنّ تستطيع فيه الإنجاب حتّى يتمّ تزويجها فوراً.
٢_ اسباب الزواج المبكر
- ضعف الالتزام بالقوانين العامة
- محدودية التعليم
- الحرب لما تسببه من فقر
- انعدام الامن وانتشار الازمات
- التقاليد الاجتماعية
3_ اثار الزواج المبكر الاجتماعية
يولّد الزواج المُبكّر عدّة آثار اجتماعية؛ كالطلاق المُبكّر الناتج عن اكتشاف
الزوجين عدم استعدادهما لبناء أسرة ناجحة؛ وذلك لصغر سنّهما وعدم وعيهما
الكافي في آلية بناء الأسرة، ومن الآثار الاجتماعية الناجمة عن الزواج المُبكّر ما
يأتي:
انتشار العنف الاسري :
تبلغ نسبة الفتيات المتزوجات التي تتراوح أعمارهنّ ما بين 15 و19 سنة واللواتي يتعرّضن للعنف الجنسي من
قِبل أزوجهنّ 13% مقارنةً مع النساء الأكبر سنًا والأعلى تعليمًا، كما أنّهن أكثر عرضةً للعنف، و إساءة
المعاملة، والإصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة وعادةً ينشأ الزواج المبكر بين طرفين بينهما فجوة كبيرة
ناتجة عن الفرق الكبير في السن، ممّا يُسبّب أزمةً في العلاقة الزوجية، فينشأ العنف الأسري، حيث إنّ 50% من
الفتيات اللواتي تزوجن تحت سن 18 يتعّرضن للعنف من قِبل الشريك أثناء فترة الزواج.
انتشار الفقر:
ينتشر الزواج المُبكّر بين الفئات الأكثر فقراً في أنحاء العالم، كما أنّ الزواج المُبكّر عائق في تحقيق مستويات
تعليم أعلى وتحقيق استقرار مادي أمام الطرفين سواء كان ذكر أو أنثى، لذلك فالفقر والزواج المُبكّر مشكلتان
متلازمتان.
انخفاض مستوى التعليم:
يمنع الزواج المُبكّر الفتاة من مواصلة تعليمها، وذلك لأنّ الكثير من المجتمعات ترفض فكرة
ذهاب فتاة متزوجة أو خاطبة إلى المدرسة، أو قد يكون الزوج هو الطرف الرافض لحضور
زوجته إلى المدرسة، بالإضافة إلى أنّ متطلبات الحياة الزوجية من أعمال منزلية ورعاية
الأطفال، أو وجود مضاعفات ناتجة عن الحمل، تُعيق الفتاة من الذهاب إلى المدرسة ومواصلة
التعليم.
٤ _ آليات التعامل مع الزواج المبكر:
هناك بعض الآليّات المناسبة للتعامل مع ظاهرة الزواج المُبكّر، وهي كالآتي:
نشر الوعي
فقد أقام صندوق الأمم المتحدة للسكان “UNFPA” برنامج “العمل من أجل المراهقات” الذي يشمل 12 دولة
في كلّ من آسيا، وأفريقيا، وأمريكيا اللاتينية، يهدف إلى تعليم الفتيات حقوقهنّ التي تتضمّن الحق في التعليم،
والصحة، والحق في العيش في مكان آمن خالٍ من العنف، وحق الكرامة، والحق في اختيار شريك الحياة كأيّ
إنسان بالغ. كما تتلقّى الفتيات أيضاً برامج تخصّ الصحة الإنجابية، وتدريبات تشمل المهارات الحياتية؛
كمهارة التفاوض التي يُمكن أن تُساعد على إقناع الأهل عن صرف النظر عن أمر الارتباط لفترة معينة أو حتّى
رفضه، حيث أصبحن هؤلاء الفتيات قدوةً في مجتمعاتهنّ يُعبّرن عن الفتاة المراهقة المتعلمة، أملاً في أن يكون
هذا الوضع الطبيعي لجميع الفتيات في ذات السن.
فرض القوانين والتشريعات
حيث أصدرت معظم دول العالم قوانين صارمةً ضدّ زواج الأطفال، وفرضت العقوبات اللازمة في تجاوز هذه
القوانين، ولكنّ خوف الآباء على بناتهم أضعف هذه القوانين بعض الشيء، فادّعى الأمر إلى إيجاد حلول
لجذور ظاهرة الزواج المُبكّر من خلال تعزيز المساواة بين الجنسين، وإنهاء مشكلة الفقر عن طريق بناء شبكة
أمان اجتماعي تحمي الفتيات وذويهنّ، وزيادة فرص التعليم، وتقديم الخدمات الصحية، وتوفير فرص العمل.
إنشاء حملات جماهرية
وذلك من خلال جذب انتباه جميع سكّان العالم والحكّام العالميين، حيث تمّ نشر عواقب الزواج المُبكّر التي يُعاني
منها الكثير من الشباب من خلال حملات عالمية، والدعوة لوضع قضية زواج الأطفال ضمن مرتبة ذات
أولوية على المستوى الدولي، ففي عام 2015م دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إظهار الدعم ورفض
الزواج المُبكّر عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
إنشاء خطط طوارىء
وذلك من خلال تقديم المساعدة اللازمة لمن يُعاني من آثار الزواج المُبكّر أو الزواج القسري، عن طريق تقديم
المساعدة القانونية من خلال تلقّي الحماية، أو الانفصال القانوني، أو الطلاق، أو البتّ في أمر الحضانة في
حالة وجود أطفال، كما يُمكن تقديم الخدمات الاجتماعية، أو تأمين سكن آمن في حالات الطوارىء.
إنشاء مراكز توعوية للمقبلين
على الزواج حيث تستهدف هذه المراكز الشباب في مرحلة ما قبل الزواج، بدعم من منظمات المجتمع المحلي،
لإيجاد حلول لمشاكل الشباب في سن المراهقة؛ كالمساعدة في إيجاد فرص عمل مناسبة لهم، وتقديم دورات
تأهيل ما قبل الزواج تهتم بالأسرة، وتوضّح أهميتها، وكيفية التعامل مع الزوجة واحترامها، وطرق تأمين سبل
العيش في المستقبل. أمّا بالنسبة للزوجة فتُقدّم هذه المراكز توعيةً تخصّ الفتيات الصغيرات في كيفية تحمّل
مسؤولية الزواج، واحترام الزوج، وطرق التربية الصالحة، وأمور تربوية أخرى، بالإضافة إلى التوعية
الصحية، والنفسية، والاجتماعية، وغيرها من الأمور التي تهمّ المرأة المتزوجة.
الاهتمام بترابط الأسرة
يؤدّي الحثّ على تماسك الأسرة من خلال بناء أسرة متكاملة مترابطة متفاهمة إلى انخفاض عدد الفتيات
المتزوجات في سن مُبكّرة.
٥_ الخاتمة
الزواج المبكر مشكلة اجتماعية خطيرة يجب الاهتمام بها من قبل المؤسسات الاجتماعية والحد منها لما تسبب
من مشكلات عديدة صحية ونفسية، ويجب الاهتمام بتعليم الفتيات، وتغيير العادات والتقاليد، وتشجيع القوانين
الداعمة للحد من الزواج المبكر، تثقيف الوالدين حول خطورة الزواج المبكر.
٦_ المراجع
١ غولنارا شاهينيان ، تقرير مواضيعي عن الزواج الاستعبادي، الأمم المتحدة، صفحة 19. بتصرّف
٢ فوزي خميس, أرليت تابت, نادين مشموشي (2014)، حماية القاصرات من الزواج
المبكر الواقع والمرتجى، لبنان: الجامعة اللبنانية الأميريكية، صفحة 24,26,28,29.
٣ هيلين ويلي (2-3-2018) ، “تم منع 25 مليون زواج أطفال في العقد الماضي بسبب التقدم المتسارع ، وفقًا
لتقديرات اليونيسف الجديدة” ، www.unicef.org ، استرجاع 5-1-2020 محرر
٤ “مشكلات وتحديات حمل المراهقات” ، www.americanpregnancy.org ، 11-11-2019 ، تم
استرجاعه في 8-1-2020 محررة.