- عبد الخالق الفلاح – نشر في 30 أيلول 2022
الهوية الوطنية نتاج اجتماعي ثقافي تاريخي عام، وتمثل علاقة متكاملة، وتغطي مدى واسعًا للتصنيف والتنظير، وتعطي الناس شعورًا بأنهم مرتبطون ببعضهم برابط محدد وتتجاوز أحيانًا كل الولاءات الطبقية وتتعارض معها و”لا مجال للحديث الجدي عن تطوير مفهوم حداثي للهوية الوطنية دون ربطه بالمواطنة المتساوية الحاضنة، لا المستوعبة فقط، للتنوع. وحين يطرح الموضوع في إطار المواطنة المتساوية للجميع والحاضنة بتنوع المجتمع، تصبح الخلافات ليست ثانوية فقط، وإنما أيضاً مصدر قوة لمجتمع تعددي يحتضن كل الآراء والمذاهب” و يؤدي إلى تدعيم الشعور بالانتماء إلى فكرة الكيان السياسي والاجتماعي والجغرافي للوطن التي تعني حب الارض، وهي مجموعة من القيم والأخلاق التي تنعكس أفعالًا لتعزز الاستقرار في الوطن والدفاع عنه والتقيد بنظامه واحترام قوانينه، “يتساوى كل المواطنين أمام القانون، بغض النظر عن العرق أو الدين أو الفكر أو الجنس أو العدد أو الوضع الاجتماعي، وحده الكفيل بضمان طمأنة فئات المجتمع كافة بأن حقوقها الفردية والجماعية محفوظة، ما يؤدي إلى تأدية واجباتها نحو الدولة والمجتمع بكل أمانة ورضا، وإعلاء الهوية الوطنية الجامعة التي يشترك فيها كل مواطن فوق أية هويات فرعية”.وتعني كذلك الانتظام في المجتمع وفق مبدأ أخلاقي ضمن نسيج مجتمعي متماسك، قائم على التعاون والمحبة واحترام العادات والتقاليد والأسرة والبيئة، والتمسك بالقيم الدينية السائدة واحترام الرأي الآخر ومعتقده ووجهة نظره ما لم تمس القيم والنظام العام وسيادة الوطن،الهوية الوطنية،لقد كانت الهويات الفرعية من أبرز معالم تخلف ماليزيا في صراعها مع الهوية الوطنية قبل ظهور الرئيس محمد مهاتير، الذي جعل الجميع يلتفتون الى شعاره الوطن المتمثل بخارطة ماليزيا فذابت خلافات الهويات الفرعية من اجل ان تكون الهوية الوطنية الشاملة الرقم الأول في حياة كل مواطن في ماليزيا. من هنا فإن الهوية الوطنية هي الخيمة التي تحوي كل الهويات الاخرى في الاوطان التي تضم مذاهب وأديان وقوميات مختلفة وتحترم مفاهيمها سواء كانت اثنية او قومية أو فكرية وهي صمام أمان وعامل استقرار وضرورة أكيدة لقوة الوطن وبناء مستقبله لأن الهوية الوطنية مظلة تجمعهم الأرض الواحدة . وهي الهوية التي تتفيأ تحت ظلالها كافة الهويات الفرعية، الهوية لا نتقص من أي من هذه الهويات الفرعية أو تُذيبها بل تعزز الولاءات والانتماءات للهويات الفرعية التي تشهد انعداماً للاستقرار على مختلف المستويات، مع الأخذ بالحسبان نموذج الانكفاء على الذات ضمن بيئتها الفرعية ومن ثم على مستوى المنتميات الاجتماعية الفرعية، الهوية لا تسمح لتغول أي من الهويات الفرعية على الهوية الأم، وتحتفي بها، ليس في إطار تفتيت المجتمع أو الانتقاص من أي من هذه الهويات. إنما تعزيز الهوية الوطنية على حساب الهويات الفرعية من المهام الرئيسة التي يجب العمل عليها من خلال تجاوز محنة الماضي القريب التي انتجت توافقية وتقاسم للسلطة بشكل يغذي الولاءات والانتماءات الفرعية للهوية بعد عام 2003 والعراق بحاجة في الوقت الحالي بعلاقة اللحمة بين الناس أنفسهم، رغم تنوعهم وعلى مدى المستقبل لثقافة تعرف المواطنة على أساس العلاقة بين الدولة والناس لأن الثقافة الفرعية عادة ما تعاني من غياب القيم الإيجابية التي تحترم وتحتفي بالتنوع الديني والثقافي والفكري في المجتمع بالقدر الذي تعاني منه من حضور القيم الإقصائية بين السياسيين خاصة والتي تعترف فقط بحقيقة واحدة ومنظومة قيمية لا مكان فيها للآخر والتي احدثت بالمحصلة النهائية تنافساً لا يمكن احتسابه لبناء البلد انما للتسابق للسلطة وعلى حساب طموح الكثير من الإرادات المتقاطعة مع إرادات فواعل الطبقة السياسية الحاكمة نفسها، والذي أنعكس على طبيعة الحراك السياسي الحاصل فيها، ليكون مؤطر في تشكيل حكومات تحت عناوين عدة، حكومة الوحدة الوطنية، حكومة الشراكة، حكومة المحاصصة،واخيراً حكومة الاغلبية والتي في الواقع لا تختلف فيما بينها من حيث التركيبة.