منذ بداية النزاع في سوريا أودى القتال إلى مقتل الكثير من السوريين وتهجير الملايين من السوريين خارجَ البلاد وكانت الحرب لها تأثيرات كبيرة على جميع فئات المجتمع من رجال ونساء وأطفال، وكان العبء الأكبر على النساء بسبب فقدان جميع مقومات الحياة وانعدام وجود المؤسسات التعليمية والتربوية والثقافية فكانت المرأة أماً ومعلمةً وطبيبةً وممرضةً ومربيةً وملهمةً للرجل في ظل الظروف القاسية والمعاناة الدائمة بسبب التهجير والحرب .
كان للمرأة دورٌ كبير جداً في التعليم والطبابة، فقد لوحظ ان نسبة عمل النساء في المنشآت الطبية تقريباً 70% وهذا يعود بسبب هجرة الشباب خارجَ البلاد فقد عملت المرأة على فض النزاعات والعمل على الطابع الإنساني والدفاع عن حقوق المرأة وحريتها والعمل على ايقاف العنف ضد المرأة.
إن المرأة هو ذلك الكائن اللطيف الذي أودعه الله اسرار الكون في الحب والحنان والعطاء، والتي رفعت لها القبعات لدورها في المجتمع فكانت هي الأم والمعلمة والطبيبة والمهندسة وهي المسؤولة عن تربية أجيال جديده بهدف بناء فعال للوطن، ولا يمكن إنكار دورها، فهي الحجر الاساسي في الأسرة وتتحمل إدارة المنزل ومسؤولياته ومسؤولية اقتصاده.
فقد أُجبرت المرأة في ظل الحرب على العمل في دور الأب والأم على حدٍ سواء، فقد كانت المعيل الوحيد لعائلتها واطفالها وفي نفس الوقت تضطر للعمل من اجلهم برغم من انها تعيل أسرتها الى انها تعمل إما بالتعليم أو الطبابة أو التجارة، إضافة إلى ذلك فهي تساهم في إعمار الاقتصاد وانتعاشه، وتساعد على زيادة الإنتاج.
نستنتج من ذلك أن للمرأة قوة في تغيير وتقدم المجتمع.
لذلك نجد للمرأة دوراً كبيراً في نهضة المجتمعات، فنلاحظ حضورها اللافت دائما وإصرارها على الوقوف بجانبِ الرجل ومساندته، فهي عنصر أساسي في تغيير المجتمع، تغيير إيجابي مرهون بوجود المرأة، حيثُ تشغل دور أساسي في بناء أسرتها وتربية ابنائها، ورعايتهم وتعليمهم وإدارة أُسرتها.
أهمية عمل المرأة للأسرة:
يمكن أن يقدم عمل المرأة للأسرة مواجهة بعض المشكلات الطارئة ويساهم عمل المرأة في تحسين المستوى المالي لأسرتها، وخاصة اذا كانت قادرة على الموازنة بين عائلتها وعملها، ويسهم في زيادة ثقة عائلتها بها.
أهمية عمل المرأة لنفسها:
أولاً: زياده ثقتها بنفسها.
ثانياً: يوفر العمل فرصة كبيرة للمرأة باكتساب خبرات مختلفة في العلاقات الإنسانية.
ثالثاً: جعل المرأة تعرف قيمة المال والجهد المبذول للحصول عليه.
رابعاً: فرصة للتفاعل الإجتماعي .
خامساً: عمل المرأة ممكن ان يسهم في استقرار الأسرة وارساء روح التفاعل بين الزوجين.
سادساً: يتيح العمل فرصه للمرأة للتعبير عن قدرتها وميولها وطموحها، وحاجتها للنجاح والتميز.
سابعاً: يضمن لها مستقبلاً أفضل.
ثامناً: يمكنها استغلال وقت الفراغ بطريقه افضل.
أهمية عمل المرأة على المجتمع:
اولاً: يحقق المرونة في المكان الذي تعمل فيه ، حيث ان بعض الشركات اقامت أماكن لرعاية الاطفال ، واجازات أمومة ، واماكن لرعاية الاطفال.
ثانياً: يساهم عمل المرأة في جعل مكان العمل افضل حيث ان المرأة تخلق بيئة العمل التفاعلية.
ثالثاً: يساهم في التنمية الاقتصادية والمستدامة و توفير فرصة عمل مناسبة لجميع افراد المجتمع.
رابعاً: القضاء على الفقر والبطالة والحصول على الرعاية الصحية.
مكانة المرأة في الإسلام:
كانت المرأة في ظل الجاهلية تعامل معاملة سيئة، وكانوا ينظرون إلى المرأة على انها متاع من الأمتعة كالأموال التي يمتلكونها فيتصرفون بها كيفما حتى جاء الاسلام فكرمها وعززها وأولى لها إهتماماً كبيراً وكرمها فهي الأم والأخت والابنة والخالة والعمة والجدة ،وقد كلفها الله في النهوض في مهمة.
الاستخلاف في الارض وتربية ابنائها وتعليمهم ونشأتهم تنشئة سوية وقد كرمها الله بالدرجة ذاتها مع الرجل، كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الإساءة للنساء وأمر بمعاملتهن بالحسنى والرحمة فقال صلى الله عليه وسلم : (استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوان لا يملكون لأنفسهن شيئا) وقال ايضاً: (أكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا ًوخياركم خياركم لنسائهم).
يلاحظ في العصر النبوي ان المرأة كان لها دور بالقيام بأعمال التداوي والكشف الطبي وكانت النساء يقمن في الغزوات مع الرجال بأعمال الإسعافات الأولية ، والتمريض ،وكانت النساء تصنع الطعام أيضاً في الغزوات، وقد شاع ان المرأة لا يجوز ان تظهر في المجتمع فإن السنة النبوية نفت ذلك، بل قد ظهرت من النساء في عهد النبي خطيبة النساء وهي (اسماء بنت ابي السكن) فكانت تحاور الرسول صلى الله عليه وسلم وتسأله في شؤون النساء ، وكانت تراجعه وتحاوره.
عمل المراة في الإسلام وإسهامها في بناء المجتمع:
قد عملت المرأة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بالتجارة وخير شاهد على عملها ما قامت به سيده المؤمنين السيدة خديجه رضي الله عنها. وأيضاً كان لها دور في العمل في المجالات الطبية كمشاركة السيدة رفيدة الإسلامية وجهودها في التجارة وعملت المرأة في الزراعة ، وتربية الأغنام كأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها حيث برعت الشفاء بنت عبد الله في الإدارة والحسبة إلى الحد الذي جعل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأخذ مشورتها في العديد من المرات في الأدوار الإدارية وشؤون السوق وكانوا يقمن بدبغ الجلود وعملت النساء ايضا بالرضاعة كمرضعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وقامت النساء ايضا بالعمل بالولادة مثل أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهما ، وعملت بالتعليم والطبابة، حيث كان للمرأة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم دور كبير في ازدهار المجتمع والاقتصاد.
دور المرأة في ظل الثورة السورية:
قد ساهمت الثورة في تشكيل وعي جديد للمرأة السورية، من خلال اكتشافها لذاتها ولقدراتها، لكن الطريق لم يكن سهلاً بل تميز مسار تطور هذا الوعي بعمليات صعود واندفاع وتراجع وتقهقر وعودة للحيز الخاص، لاسيما عندما علا صوت السلاح.
هل نجحت المرأة السورية في توظيف هذا الوعي من خلال العمل المنظم؟ وكيف تجلى خيار النساء السوريات في العمل المجتمعي ومبادرات التمكين السياسي؟
هناك علاقة جدلية بين الوعي السياسي والمشاركة السياسية، وتدعو أدبيات التمكين السياسي للمرأة إلى أن المشاركة السياسية ينبغي أن تبدأ من السياسات المحلية، والتي تشمل كل أشكال المشاركة السياسية والاجتماعية لتحسين حياة الناس في المجتمعات المحلية، وتتنوع أشكال هذه المشاركة من المشاركة في المجالس المحلية إلى إنشاء لجان مجتمعية وتنظيمات وروابط دائمة أو مؤقتة هدفها حل مشكلات المجتمع المحلي بالتعاون مع المسؤولات/ين، أو عبر مبادرات مجتمعية ولعل من مؤشرات تطور وعي النساء السوريات بعد الثورة هو سعي النساء السوريات للتغيير وهذا ما يبرهن عليه كفاح النساء في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
لازال موضوع مشاركة المرأة في صنع القرار موضوعا جدليا يستحوذ اهتمام الناشطين في مجال الديموقراطية وحقوق الانسان والمواطنة. ذلك خاصة في المنطقة العربية التي تشهد حراكا سياسيا لا بل دمويا حادا، مما يستوجب استنفار كل الطاقات البشرية لإرساء الاستقرار فيها، بما في ذلك الحاجة لدور المرأة التي شاركت في بعض التحركات الشعبية في الدول العربية. تلك الدول التي ما زالت تبحث في صراع عنيف عن إمكانية إحلال السلام والتي يجب أن تعد المرأة بطبيعتها داعية أساسية للأمن والامان فيها. علما بأن تلك المرأة نفسها هي التي دفعت غاليا ثمن الصراعات السياسية على حساب كرامتها وتفتت عائلتها وفقدانها للإمكانية التأثير الفاعل في مجريات الاحداث التي تساهم في تهميشها، لا بل بتراجع كبير لدورها في ظل التطرف والتحجر الفكري.
قبل تلك التغيرات في المنطقة العربية وفي خلالها ما زال التساؤل الذي يلح علينا دائماً هو أنه على الرغم من كافة الدراسات التي أجريت بشأن المشاركة السياسية للمرأة، والندوات والمؤتمرات التي عقدت لتداول هذه القضية، فما تم إحرازه على أرض الواقع من تقدم يعد محدوداً للغاية.
رغم كل ذلك ثمة تطورات قد حدثت في بعض الدول العربية لا يمكن إغفالها. بعض المجتمعات التي لم تكن تعترف بأي دور سياسي للمرأة بدأت تعين النساء في بعض المجالس والهيئات كذلك البرلمانات بدأت تفسح المجال للمرأة ولو بصورة رمزية ونخبوية. ويمكن القول بصورة عامة أن بعض الحواجز التي كانت قائمة منذ ما يقرب من عقدين قد شهدت تحسنا نسبيا.
لكن ما سبق لا يعني أن الوضع الحالي يدعو للاسترخاء، بل على العكس فإن الوضع الحالي يطرح تساؤلات من نوع جديد بشأن نسبة مشاركة المرأة ومستوى أدائها وكيفيته، ومدى قدرتها على التأثير في الحياة السياسية والحزبية ومؤسسات المجتمع المدني. ومدى صلتها بالنضال القائم من أجل الحريات العامة وحقوق الإنسان في المجتمعات العربية. وهل يمكن تأطير عمل النساء كي يمثلن نصف الهيئة الناخبة. هل المجتمع المدني لديه القدرة على تعبئة النساء والرجال المؤيدين لحقوق النساء لإحداث تغيير في النظرة.
المرأة العربية هي الصورة الحقيقية المعبِّرة عن المجتمع، تؤدي الرسالة المقدسة بكل معاني الصبر والأمل والألم، وتتخطى جميع التحديات لتأدية المهام الكبرى المتمثلة برسالة الخير والسلام ومعاني الإخلاص والوفاء والعطاء، والتنشئة على صلابة النفس وقوة الإرادة وترسّخ معاني حب التعاون، ومن هنا نستطيع أن نقطف ثمرة بناء الأمة والمجتمع بشكل حقيقي تنموي، وبذلك يتكون الجيل الصاعد الجديد، وينشأ نشأة سليمة.
إن بروز المرأة العربية في العديد من المنابر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية يعد في حقيقة الأمر تتويجاً للنجاحات المستمرة التي يتم إحرازها حتى الآن في عملية الكفاح المتواصلة الهادفة إلى تطوير وبناء المجتمع والمشاركة الفاعلة الحقيقية في عملية التنمية الشاملة، من خلال وجود المرأة كعضو فعَّال في المجتمع العربي عبر فتح بيئة خصبة لعملية تمكين المرأة.
ومما نرى ونشاهد أن المرأة العربية لديها العديد من المهام الضرورية في المجتمع، فهي البنت والأم والزوجة والجدة وفي كل مرحلة من مراحل حياتها هناك العديد من الأعباء والواجبات المناطة بها، وتتعاظم تلك المهام على المرأة في ظل الظروف الراهنة، فالمرأة التي تدرك حقيقة وعظيم دورها، وتلتزم بواجباتها على الوجه الأمثل، إنما تؤثر في حركة الحياة في وطنها تأثيراً بالغاً، يدفع به إلى فضاء التقدم والرقي والريادة الحضارية النشطة.
إذاً فالمرأة العربية هي الركيزة الأساسية داخل الأسرة، والمجتمع، ومن خلالها لا يمكن حدوث التنمية الفاعلة في المجتمعات، نعم هذه هي المرأة العربية التي تسطر يوماً بعد يوم ملامح الأفق الجميل، والمجد العظيم، والتضحيات التي تقوم بها بدءاً من محيطها القريب منها من أسرتها الصغيرة، ومروراً بمجتمعها الخارجي، ووصولاً إلى العالم أجمع، لتظهر بصمات الإبداع والتفوق والريادة في جميع المجالات المجتمعية الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية.
إن مجمل التحديات التي تواجه المرأة العربية كالفقر والجهل والتعصب، والبطالة، وظروف الحرمان يجب أن يتم العمل من منظور تنموي وبتعاون كامل من كافة الجهات القيادية وصناع القرار ومؤسسات المجتمع المدني لمعالجة تلك التحديات كافة، وتوسيع الدور التنموي للمرأة العربية داخل المجتمع، وعليه بإمكان المرأة النهوض بشكل أكثر فاعلية وتأثيراً إذا ما أُعدت بصورة صحيحة للقيام بدورها المناط بها، لأجل المساهمة في بناء المجتمع بشكل قوي قادر على معايشة الواقع والعصر في كل حال، ومن هنا جاء سبق وتركيز الإسلام على بناء شخصية المرأة بشكل أصيل متكامل.
ورغم التحديات كافة، ما زالت تسطر المرأة العربية الإبداع بأبهى صوره في جميع المجالات؛ فهي المعلمة والمربية، الطبيبة، القاضية الشاعرة، الأديبة والفقيهة، وحتى اللحظة ما زالت المرأة العربية تكدح وتكد وتساهم بطاقاتها في رعاية بيتها وأفراد أسرتها، هي الأم الرائعة الصابرة التي يقع على عاتقها مسؤولية تربية الأجيال القادمة، وهي التي تدير البيت وتوجه مجالاته، وهي كذلك البنت والأخت، مما يجعل الدور الذي تقوم به المرأة في بناء المجتمع لا يمكن إغفاله أو التقليل من قيمته وخطورته.
أخيراً يمكنني القول إن المرأة العربية هي الصورة الكاملة عند النظر للمجتمع، ظروفها وأحوالها وخصائصها تنعكس فيها القيم الأساسية التي تحكم حركة المجتمع وتسير أموره، إنها خط الدفاع الأول الذي يحمي المجتمع من كل الهجمات، إنها سر كلمة الأمان والدفء والتربية، فالنساء كيان رائع، يتحملن كل شيء، يدركن أن الحزن والشدائد لا مفر منها ومستعدات لأن يغُصن فيها ليعبُرن إلى الشاطئ الآخر بكل دفء وأمان.