أنتَ الخارجُ من تحتِ أنقاضِ أحلامك ، إلى رحمِ آلامك ، كالآلاف من أبناءِ وطنكَ الذين يخرجون كل يوم من تحت أنقاض بيوتهم ، التي ماكانت إلا أحلاماً في يومٍ ما.
وهاهي تعود أحلاماَ كما كانت…
هل قدر كل حلمٍ أن ينهار على رأس صاحبه؟؟؟!!!
هاأنا أخسرُ وطناَ كما يخسرُ هؤلاء…فماكنتِ إلا ذلك الملجأُ الحنون لقلبي المتعب .
فكيفَ لكَ أن تستجدي عطفها ، تلكَ المجرمةٌ عمداً ، لتبعث لك فقط فُتاتَ ذاكرةٍ تستعينُ بهِ على ليلكَ وأشواقك.
هاأنتَ هاربٌ منها ، لاجئٌ إليها ، بل مسكونٌ بها .
قاسيةٌ هيَ كوطن…ذلكَ الوطنُ الّذي رمى بأبنائهِ إلى الشَّتات ، وإلى الشّتاء.
شرّدهم على بُعدِ مرمى حجرٍ منه ، وتركهم للموتِ…برداَ…وقهراَ…وقتلاَ .
أعرفُ الآن فظاعة أن يموتَ الانسانُ من البرد…قاسيةٌ أنتِ كالبرد ، ومُعذّبٌ أنا كأولئك اللّاجئون على أعتاب الوطن ، المسكونون بطيفه…بذكرياته…بدفئه…بشمسه…بظلّه…بظلمه…بذلّه…
قريبون منهُ مثلي ، ولايستطيعون أن يطأوا ترابه…
قد كـــنتُ أعــتزلُ الورى بــهواكِ ورأيـــتُ وجـــهكِ قبلَ أن ألقاكِ
واستعظمت بين الضـــلوع مــودةٌ مااستعظــمت في أضلعي لولاكِ
ماكــــنتُ أدري أنــها موجـــــودةٌ مذ كنتِ طيــفاً كنتُ من قـــتلاكِ
الله يعـــــلمُ كـــــم ســــهرتُ ليالياً وأنا أمــنّي النّــــفسَ في لقــــياكِ
حتى الحــــياةُ هويتُــــها بــــهواكِ ماكــــنتُ أدري مالــهوى لولاكِ
إنّي لَأكــــرهُ أن أُحِـــبَّ ســـــواكِ إنّــــــــي أراكِ ولاأعـــــي إلّاكِ
علمَت هجـــينُ ومن يمُرُّ بأرضها أنّي حبـــيباً مااتّخــــذتُ ســواكِ
علمت هجـــينُ وأرضها وفراتــها أنّي قــتــلتُ وقاتــلي عــــــيناكِ
علمت هجـــينُ ظهورَ قيسٍ ثالــثٍ ماكــانَ قــــــيساً قبلَ أن يهواكِ
يامن تركـــتِ الرّوحَ تذوي حسرةً والرّوحُ تصرخُ حينها رحـماكِ
ضمّي خيالكِ واحبســــــيهِ دقيـــقةً فــــلقد فـــقدتُ لأجــلهِ إدراكي
واليـــومَ أهلي في البــــلادِ تناثروا كـــتناثرِ الأقـــمارِ في الأفـلاكِ
قسمٌ قضى،قسمٌ مضى،وجميعـــهم بــاتــوا ضـــحايا مثلما قــتلاكِ
وكذاكَ أهلُكِ قد تشـــتّتَ شملُـــــهم كـيفَ الــسّبيلُ إليكِ أو لُـــقياكِ
ولقد رأيــــتُ النّاسَ غـابَ دليلُـــهم كــغيابِ قاداتٍ بـــيومِ عـراكِ
وتزاحـــموا وتسابــقوا وتدافــــعوا فــرُّوا بلا أهـــلينَ أو أمــلاكِ
أَهجـــــينُ تُهــــنا والبلادُ غريــــبةٌ حتّى سكــنّا موطِــنَ الأتـراكِ
…………………………………………………………………………………
واليومَ عُــدنا والدّيــــارُ خريــــــبةٌ فابــــكي على آثارها وتباكي
والآنَ أهلُكِ كلُّــــهم قـــــد أيقــــنوا أنَّ التَّفرُّقَ أصــــلُ كُلِّ هلاكِ
وتماسُكُ الأفرادِ أصــــبحَ واجــــباً لـــتجاوزِ العـَثَراتِ والأشواكِ
فتعاضـــــدوا للنائبــــاتِ وأدركـوا سُبُلاً ســـتجمَعُهُم بطيبِ ثراكِ
فصغيرُهُم وكبـــيرُهُم ورجالُــــهُم ونساؤُهُم لايــرغبونَ ســـواكِ
وغنيُّهُم وفقـــــــــيرُهُم وذليلُـــــهُم وعزيزُهُم عـــونٌ على بـلواكِ
خَسِرُوا البُنى لكنَّهُم لم يَخــــسروا فَيضَ المُنَى ممَّا سَخَت يُمناكِ
إنِّـي أراهُم كالبـــــناءِ تراصَصوا قلباً وأجـــساداً بدونِ فِكـــــَاكِ
ولقد رأيــــتُ عزائــــماً جبّـــارةً فاستبشري إنَّ الـــمَغيثَ أتاكِ
كالغيثِ جاؤوا فاسعدي بقدومِهـِم ولتخلعي ثوبَ الحزينِ الباكي
إنَّ التَّعاضُـــــدَ للشُّــعوبِ وقايـةٌ من كلِّ خـــــــطبٍ مقبلٍ فتِّاكِ